خلق الانسان

موضوع: خلق الانسان الأربعاء سبتمبر 30, 2009 6:33 am

بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا
كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا . (النساء: 1).
صدق الله العظيم.
يتضح من هذه الآية الكريمة بان الله قد خلق الناس أو البشر من نفس واحدة
والتي هي متمثلة في سيدنا أدم عليه السلام ( يا أيها الناس اتقوا ربكم
الذي خلقكم من نفس واحدة) , ومن هذه النفس أي من سيدنا أدم خلق الله الزوج
أي ما يُعرف بحواء ، (وخلق منها زوجها) , ومن سيدنا أدم وحواء خلق الله
النسل أي بني أدم والمتمثل في الرجال والنساء ، (وبثَّ منهما رجالاً
كثيراً ونساءً) . لعلنا نفهم من هذا التوضيح القرآني بان هذا النسل هو
امتداد لأصله (سيدنا أدم) الذي خُلق منه ويحمل صفاته ومركبات تكوينه (كلكم
لأدم وأدم من تراب) , أي بمعنى أن الله قد خلق بني أدم (النسل) من نفس
المادة التي خُلق منها سيدنا أدم عليه السلام والتي هي الأرض كما جاء في
قوله تعالى " هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ
وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ " (النجم: 32) .
هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى فأننا نجد فيما أشرنا إليه سابقا في
الجزء الأول والذي كان بعنوان : ( القرآن ... المعجزة والمرجع والبرهان في
خلق الإنسان ... ), بأن الله سبحانه وتعالى قد وضح لنا بأن كيفية خلق
سيدنا أدم عليه السلام تختلف عن كيفية خلق بني أدم , أي بمعنى أن الله قد
خلق الإنسان علي هيئتين مختلفتين بحيث تختص الهيئة الأولى ببداية خلق
الإنسان أي خلق سيدنا أدم عليه السلام والذي كان قد خلقه الله من طين, أما
الهيئة الثانية فأنها تختص بخلق بني أدم (النسل) والذي كان قد خلقه الله
من ماء مهين كما جاء في قوله تعالى : : "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ
خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ
مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ" (السجدة :7- ومن هذا المنطلق فأنني
سوف أُخصص هذا المقال علي الكيفية الأولى والتي تختص ببداية تكوين الإنسان
أي بداية خلق الإنسان أي خلق سيدنا أدم عليه السلام وأترك كيفية خلق
النسل(السلالة) إلي الحلقات القادمة.
بداية تكوين الإنسان :
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ
لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا
سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (ص
:71 ,72 ) . بالتمعن في هذه الآية الكريمة نجد أن تكوين الإنسان أي تكوين
آدم عليه السلام قد تم من خلال ثلاث عمليات مختلفة ألا وهي:

بالرجوع إلي الآية الكريمة التي ذُكرت أعلاه والتي يقول الله تبارك وتعالى
فيها: " هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض " (النجم 32) ., يتبين لنا وجود
علاقة ارتباطيه بين بداية خلق الإنسان والأرض التي خلقه الله منها و جعله
خليفة فيها, وحيث أن الله أخبرنا علي أنه مر علي الدهر زمن لا وجود فيه
لإنسان كما جاء في قوله تعالى: "هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ
الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا " , (الإنسان:1), عليه فأن الله
مهد للإنسان الأرض لكي تكون صالحة لبدأ تكوين الخلق وملائمة للعيش فيها
كما جاء في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ
جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (البقرة : 29) .
وبهذا يمكننا أن نفهم بأنه مر على الأرض حين من الدهر كانت الحياة معدومة
فيها تماماً , ثم في وقت محدد (لا نعلم تاريخه بالضبط) بدأت هذه الحياة
بكائنات بسيطة في احتياجاتها الغذائية إذ تستطيع أن تعيش وتتكاثر على مواد
لا عضوية. هذه الكائنات الحية البسيطة قد أراد لها الله القادر أن تصنع
مواد عضوية قليلة لكي تمهد لظهور كائنات غيرها تعيش عليها أو تعمل فيها .
وبتوالي ظهور أنواع جديدة من الأحياء عبر العصور (لا نعلم تاريخها بالضبط)
فإن أشكال جديدة من المواد العضوية قد أُنتجت ، مما سهلت الطريق إلي ظهور
أنواع جديدة تعيش وتتكاثر بسهولة . وبهذا فإن ظهور الإنسان على الأرض ما
كاد أن يكون إلا بعد أن توفرت له

1. عملية الخلق .
2. عملية التصوير (أو التسوية) .
3. عملية نفخ الروح .

1- عملية الخلق :